فصل: باب الراء مع الثاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 حرف الراء

 باب الراء مع الهمزة

‏{‏رأب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث علي يَصفُ أبا بكر رضي اللّه عنهما <كُنتَ للدِّين رَأْبا> الرأبُ‏:‏ الجمع والشدّ، يقال رأبَ الصَّدع إذا شَعَبه‏.‏ ورَأب الشيءَ إذا جَمعه وشدَّه برفقٍ‏.‏

ومنه حديث عائشة تَصِفُ أباها <يَرْأب شَعْبها> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديثها الآخر <ورَأَبَ الثَأَى> أي أصْلح الفاسد وجَبَر الوَهْن‏.‏

ومنه حديث أمّ سلمة لعائشة رضي اللّه عنهما <لا يُرْأب بهنَّ إن صُدِعَ> قال القُتيبي‏:‏ الرواية صَدَعَ، فإن كان محفوظا فإنه يقال صَدَعْت الزُّجاجةَ فصدَعَت، كما يقال جَبَرت العظم فجبَر، والا فإنه صُدع، أو انْصَدع‏.‏

‏{‏رأس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنه عليه الصلاة والسلام كان يُصِيبُ من الرأس وهو صائمٌ> هو كِنَاية عن القُبْلة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث القيامة <ألم أذَرْكَ تَرأَسُ وتَرْبَع> رأسَ القوم يرأسُهم رِئاسَة‏:‏ إذا صارَ رئيسَهُم ومُقدَّمهم‏.‏

ومنه الحديث <رَأسُ الكُفْر من قَبل المشرق> ويكُون إشَارة إلى الدجَّال أو غيره من رُؤَساء الضلال الخَارجِين بالمشْرِق‏.‏

- ‏(‏رأف‏)‏ *في أسماء اللّه تعالى <الرؤف> هو الرحيمُ بعباده العَطُوف عليهم بألْطافه‏.‏ والرَّأْفَة أرقُّ من الرحمة، ولا تكاد تقعُ في الكَراهة، والرحمة قد تقع في الكَراهة للمصْلحة‏.‏ وقد رَأفْتُ به أرْأفُ، ورَؤُفْت أرؤُف فأنا رَؤُوفٌ‏.‏ وقد تكرر ذكر الرَّأفة في الحديث‏.‏

- ‏(‏رأم‏)‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عائشة تَصفُ عمر <تَرْأمُه ويأْباها> تُريد الدنيا‏:‏ أي تَعْطِف عليه كما تَرْأمُ الأمُّ ولَدها والنَّاقَةُ حُوَارَها فتشُمُّه وتَتَرَشَّفه، وكُلّ من أحبَّ شيئاً وألِفَه فقد رَئمه يَرْأَمُه‏.‏

- ‏(‏رأه‏)‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث لقمان بن عادٍ <ولا تملأُ رِئَتي جَنْبي> الرِّئَة التي في الجوف مَعْروفة‏.‏ يقول‏:‏ لَستُ بجَبان تنْتَفخ رِئَتي فتَمْلأُ جَنْبِي‏.‏ هكذا ذكَرها الهروي، وليس مَوْضِعها، فإن الهاءَ فيها عوضٌ من الياء المحذوفة، تقول منه رأيتُه إذا أصَبْت رئته‏.‏

- ‏(‏رأى‏)‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنَا بَرِىءٌ من كلِّ مُسلمٍ مَعَ مُشْرِكٍ، قيل: لم يا رسول اللّه؟ قال: لا تَراءَى نارَاهما> أي يلزَمُ المُسْلم ويَجبُ عليه أن يُبَاعِد مَنْزِلَه عن مَنْزل المُشرك، ولا يَنْزل بالموضع الذي إذا أُوقِدَت فيه نارُه تلُوحُ وتظهرُ لنارِ المُشْرِك إذا أوقَدها في منزله، ولكنه ينزلُ مع المسلمين في دَارِهم‏.‏ وإنما كره مُجَاورَة المشرِكين لأنَّهم لا عهد لَهُم ولا أمان، وحثَّ المسلمين على الهِجْرة‏.‏ والتَّرَائي‏:‏ تَفَاعُلٌ من الرؤية، يقال‏:‏ تراءَى القومُ إذا رَأَى بعضُهُم بعضا، وتراءَى لي الشيءُ‏:‏ أي ظهرَ حتى رأيته‏.‏ وإسْنادُ التَّراءِي إلى النارَين مجازٌ، من قولهم دَارِي تَنْظُر إلى دار فُلان‏:‏ أي تُقَابلها‏.‏ يقول نارَاهما مُخْتلفتان، هذه تَدْعو إلى اللّه، وهذه تَدْعو إلى الشيطان فكيف يَتَفِقَان‏.‏ والأصلُ في تراءَى تَتَراءى، فحذف إحْدى التاءَين تَخْفِيفا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <إنَّ أهلَ الجنة ليَتَراءَوْن أهلَ علِّيّينَ كما تَرَونَ الكوكَب الدُّرِّيَّ في أُفُق السماء> أي يَنْظُرون ويَرَون‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي البَخْتَري <تَراءَيْنا الهِلالَ> أي تَكَلّفْنا النَّظَر إليه هل نَراه أم لا‏.‏

ومنه حديث رَمَل الطَّواف <إنما كُنَّا راءَينا به المشركين> هو فاعَلنا، من الرُّؤية‏:‏ أي أرَيْناهم بذلك أنَّا أقْوياء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه خَطَب فرُئيَ أنَّه لم يُسْمعْ> رُئِيَ‏:‏ فِعْلٌ لم يُسَمَّ فاعلُه، من رأيتُ بمعنى ظَنَنْت، وهو يَتَعَدَّى إلى مفعولين، تقول‏:‏ رأيتُ زيداً عاقلاً، فإذا بنيتَه لما لم يُسمَّ فاعله تعدّى إلى مفعول واحدٍ، فقلت‏:‏ رُئيَ زيدٌ عاقلا، فقوله إنه لم يُسْمع جملة في موضع المفعول الثاني‏.‏ والمفعول الأوّل ضميره‏.‏

وفي حديث عثمان <أُرَاهُم أراهُمُني الباطلُ شيطانا> أراد أنَّ الباطل جَعَلنِي عندهم شيطانا، وفيه شُذُوذ من وجهين‏:‏ أحدُهما أن ضميره الغائب إذا وقَع متقدِّما على ضمير المتكلم والمخاطب فالوجه أن يُجَاء بالثاني منفصِلا، تقول أعْطاه إيَّايَ، فكان من حقِّه أن يقول أراهم إيَّايَ، والثاني أن واوَ الضمير حقُّها أن تثْبُت مع الضمائر كقولك أعطيتمُوني، فكان حقُّه أن يقولَ أراهُمُوني‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث حنظلة <تُذَكِّرُنا بالنار والجنة كأنَّا رأْيَ عينٍ> تقول جعلتُ الشيءَ رأيَ عَيْنِكَ وبِمَرْأًى منك‏:‏ أي حِذاءَك ومُقابِلكَ بحيثُ تراه، وهو منصوبٌ على المصدر‏:‏ أي كأنَّا نراهُما رأيَ العين‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الرؤيا <فإذا رجلٌ كَرِيهُ المَرآة> أي قبيحُ المَنْظَرِ‏.‏ يقالُ رجلٌ حسن المَنْظَر والمَرْآةِ، وحسن في مَرْآة العين، وهي مَفْعَلة من الرؤية‏.‏

ومنه الحديث <حتى يَتَبين له رِئْيُهما> هو بكسر الراء وسكون الهمزة‏:‏ أي مَنْظَرُهما وما يُرَى منهما‏.‏ وقد تكرر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي الحديث <أرأيتَك، وأرأيتَكما، وأرأيتَكم> وهي كلمةٌ تقولها العرب عند الاسْتِخْبارِ بمعنى أخْبِرْني، وأخْبِراني، وأَخبِروني‏.‏ وتاؤُها مفتوحة أبدا‏.‏

وكذلك تكرر أيضا <ألم تَرَ إلى فلان، وألم تَرَ إلى كذا> وهي كلمةٌ تقولها العرب عند التعجُّب من الشيء، وعند تَنْبيه المُخاطَب، كقوله تعالى <ألم تَرَ إلى الذين خَرجوا من ديارِهم> ، <ألم تر إلى الذين أُوتُوا نصيباً مِن الكتاب> أي ألم تَعْجَب بفعلهم، وألم يَنْته شَأْنُهم إليك‏.‏

وفي حديث عمر <قال لسَوَادِ بنِ قارب: أنت الذي أتاكَ رَئِيُّك بظُهور رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قال نَعَمْ>

يقال للتابع من الجِن رَئيٌّ بوزن كَمِيٍّ، وهو فَعِيل، أو فَعُول، سُمِّي به لأنه يَتَراءَى لِمَتْبوعه، أو هو من الرَّأْي، من قَولهم فلانٌ رَئِيُّ قومِه إذا كان صاحبَ رأْيهم، وقد تُكْسَرُ راؤُه لإتْباعِها ما بعدها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الخُدْرِي <فإذا رَئِيٌّ مثل نِحْيٍ> يعني حَيَّةً عظيمةً كالزِّق، سمّاها بالرَّئِيِّ الجِنّي؛ لأنهم يزعمون أن الحَيَّاتِ من مَسْخ الجِن، ولهذا سموه شيطاناً وحُبابا وجانًّا‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر وذَكَر المُتْعةَ <ارْتَأي امرُوٌ بعد ذلك ما شاء أن يَرْتَئِي> أي أفْكَرَ وتأنَّى، وهو افْتَعَل من رُؤْيةِ القلب، أو من الرأْي‏.‏

ومنه حديث الأزرق بن قيس <وفينا رجل له رأْيٌ> يقال فلان من أهل الرَّأي‏:‏ أي أنه يَرَى رأيَ الخوارج ويقول بمَذْهَبهم وهو المراد ها هنا، والمحدِّثون يُسَمون أصحاب القياسِ أصحابَ الرأْي، يَعْنُون أنهم يأخُذون بِرَأيِهم فيما يُشْكِل من الحديث، أو ما لم يأتِ فيه حديثٌ ولا أثَرٌ‏.‏

 باب الراء مع الباء

‏{‏ربأ‏}‏ ‏(‏ه س‏)‏ فيه <مَثَلي ومَثَلكم كَرجُل ذهَب يَرْبَأُ أهلَه> أي يَحْفظُهم من عَدُوّهم، والاسم الرَّبيئَةُ، وهو العَينُ والطَّلِيعَةُ الذي يَنْظُرُ للقوم لَئلاَّ يَدْهَمَهم عدوٌّ، ولا يكون إلاَّ على جَبل أو شَرَف يَنْظُرُ منه‏.‏ وارْتَبأتُ الجَبل‏:‏ أي صَعِدْتُه‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏ربب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في أشراط الساعة <وأن تَلِدَ الأمَة ربَّها أو رَبَّتها> الربّ يُطْلقُ في اللُّغة على المالِك، والسيد والمُدَبِّر، والمُرَبِّي، والقَيِّم، والمُنْعِم، ولا يُطلَقُ غيرَ مُضاف إلاَّ عَلَى اللّه تعالى، وإذا أُطلِقَ على غَيره أُضِيف، فيقال رَبُّ كذا‏.‏ وقد جاء في الشِّعْر مطلقا على غير اللّه تعالى، وليس بالكَثِير، وأرَادَ به هذا الحديث الموْلَى والسّيِّد، يعني أنَّ الأَمَة تَلِد لسَيِّدها وَلداً فيكون لها كالمولى؛ لأنه في الحسب كأبيه، أراد أن السَّبْيَ يَكْثُر والنِّعْمةُ تظهر في النَّاس فتكثُر السَّرارِي‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث إجابةِ المؤذِّن <اللَّهُم رَبَّ هذه الدَّعوةِ التَّامَّةِ> أي صاحِبَها‏.‏ وقيل المُتَمِّم لها والزَّائد في أهلها والعمل بها والإجابة لها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي هريرة <لا يَقُل المَمْلوك لسَيِّده ربِّي> كَرِه أن يَجْعل مالِكَه ربًّا له؛ لِمُشَاركة اللّه تعالى في الرُّبُّوبيَّة‏.‏ فأما قوله تعالى <اذكُرْني عند ربِّك> فإنه خاطبه على المتعارف عندهم، وعلى ما كَانُوا يُسَمُّونهم به‏.‏ ومثله قولُ موسى عليه السلام للسَّامِرِي <وانظرْ إلى إلهِك> أي الذي اتخَذْته إلهاً‏.‏

‏(‏س‏)‏ فأما الحديث في ضالَّة الإبل <حتى يلقاها ربُّها> فإن البَهَائم غيرُ متعَبَّدة ولا مُخَاطَبه فهي بمنزِلة الأموالِ التي يَجُوز إضافَةُ مالِكيها إليها وجَعْلُهم أرْباباً لهَا‏.‏

ومنه حديث عمر <رَبٌّ الصُّرَيمَةِ وربُّ الغُنَيمةِ> وقد كثُرَ ذلك في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عروةَ بن مسعود <لمَّا أسْلم وعاد إلى قَوْمه دخَل منزِلَه، فأنكَر قومُه دخُولَه قبل أن يأتِيَ الرَّبَّةَ> يعني اللاَّتَ، وهي الصَّخرةُ التي كانت تعبُدُها ثَقِيفٌ بالطَّائف‏.‏

ومنه حديث وَفْد ثقيف <كان لهم بَيتٌ يُسمُّونه الرَّبَّةَ يُضاهئون به بيتَ اللّه تعالى، فلما أسلموا هَدمَه المُغِيرة> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عباس مع الزبير <لأَن يَرُبَّني بنُو عَمِّي أحبُّ إليّ من أن يَرُيَّني غِيرُهم> وفي رواية <وإنْ ربُّونِي ربَّني أكْفَاءٌ كِرامٌ> أي يكونُون عَليَّ أُمَراءَ وسادَةً مُقَدَّمين، يعني بني أُمَيةَ، فإنهم في النَّسَب إلى ابن عباس أقْربُ من ابن الزُّبَير‏.‏ يقال رَبَّه يرُبُّه‏:‏ أي كان له رَبًّا‏.‏

ومنه حديث صفوان بن أمية قال لأبي سُفيان بن حرب يوم حُنين‏:‏ <لأن يرُبَّني رجل من قُرَيش أحبُّ إليَّ أن يَربَّني رجلٌ من هَوَازِن> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <ألَك نِعْمَةٌ ترُبُّها> أي تَحْفَظُها وتُراعيها وتُرَبِّيها كما يُرَبِّي الرجل ولده‏.‏ يقال‏:‏ رَبَّ فُلان ولده يَرُبُّهُ رَبًّا ورَبَّتَه ورَبَّاه، كلُّه بمعنى واحِد‏.‏

وفي حديث عمر <لا تأخُذ الأكُولَة ولا الرُّبَّى ولا الْماخِضَ> الرُّبَّي التي تُرَبَّى في البيت من الغَنم لأجل اللَّبن‏.‏ وقيل هي الشاةُ القَرِيبة العَهْد بالولادة، وجمعُها رُبَابٌ بالضَّم‏.‏

ومنه الحديث الآخر <ما بقي في غنمي إلاَّ فحلٌ أو شاةٌ رُبَّى> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث النَّخَعِي <ليس في الرَّبائِبِ صدقةٌ> الرَّبائبُ‏:‏ الغنَم التي تكون في البيتِ، وليست بسَائِمةٍ، واحدتُها رَبيبةٌ بمعنى مَرْبُوبةٍ؛ لأنَّ صاحبهَا يرُبُّها‏.‏

ومنه حديث عائشة <كان لنَا جِيرَانٌ من الأنْصار لَهُم ربائبُ، فكانُوا يبعَثُون إلينا من ألْبانِها> ‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <إنَّما الشَّرطُ في الرَّبائبِ> يريدُ بناتِ الزَّوجات مِن غير أزواجهنّ الذين مَعَهنّ‏.‏

وفي حديث ابنِ ذي يَزن‏:‏

أُسْدٌ تُرَبِّبُ في الغَيْضَاتِ أشْبالاَ*

أي تُرَبّي، وهو أبلغُ منه ومن تَرُبُّ، بالتكرير الذي فيه‏.‏

وفيه <الرَّابُّ كافلٌ> هو زوجُ أمِّ اليَتِيم، وهو اسمُ فاعل، من رَبَّه يرُبُّه‏:‏ أي أنه تكفَّل بأمْرِه‏.‏

ومنه حديث مجاهد <كان يكْرَه أن يتَزوّج الرجل امرأةَ رابِّه> يعني امرأة زَوج أمّهِ لأنه كان يُرَبّيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث المُغيرة <حملُها رِبابُ> ربابُ المَرأةِ‏:‏ حِدْثانُ ولادَتها‏.‏ وقيل هو ما بين أن تضعَ إلى أن يأتِيَ عليها شَهْران‏.‏ وقيل عِشْرُون يوما، يُريد أنها تحمل بعد أن تلِد بيَسير، وذلك مذمُومٌ في النِّساءِ، وإنما يُحْمَد أن لا تَحْمل بعد الوَضع حتى تُتِمَّ رَضَاع وَلدها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث شُريح <إن الشَّاةَ تُحْلَبُ في رِبَابِهَا> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الرؤيا <فإذا قَصْرٌ مثلُ الرَّبابةِ البَيضاء> الرَّبابةُ - بالفتح - السَّحَابة التي ركبَ بعضُها بعضاً‏.‏

ومنه حديث ابن الزبير <وأحْدَقَ بكُم رَبابُه> وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <اللهم إنّي أعوذُ بك من غِنًى مُبْطِرٍ وفَقْر مُرِبٍّ> أو قال <مُلِبٍّ> أي لازمٍ غير مُفارق، من أرَبَّ بالمكان وألَبَّ‏:‏ إذا أقامَ به ولَزِمه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عليّ <الناسُ ثلاثةٌ: عالمٌ رَبَّانيٌّ> هو منسوب إلى الرَّب بزيادَةِ الألفِ والنُّونِ للمُبَالغة‏.‏ وقيل هو من الرَّب بمعنى التَّرْبِيَة، كانوا يُرَبُّون المُتَعلّمين بصِغَار العُلُوم قبل كِبَارِها‏.‏ والرَّبَّانيُّ‏:‏ العالِم الراسِخُ في العِلْم والدِّين‏.‏ أو الذي يَطْلب بِعلْمه وجْهَ اللّه تعالى‏.‏ وقيل العالِم العامِل المُعلِّم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن الحنفية قال حين تُوفِّي ابنُ عباس‏:‏ <مات رَبَّانيُّ هذه الأمَّة> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي صفة ابن عباس <كأنَّ على صَلعَتِه الرُّبَّ من مِسْك وعَنْبر> الرُّبُّ ما يُطْبخ من التَّمر، وهو الدِّبسُ أيضا‏.‏

‏{‏ربث‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث علي <إذا كان يوم الجمعة غَدَت الشياطينُ برَايتها فيأخُذُون الناسَ بالرَّبائثِ فيُذكِّرونهم الحاجاتِ> أي ليُربّثوهم بها عن الجمعة‏.‏ يقال ربَّثْتُه عن الأمر إذا حبستَه وثَبَّطْتَه‏.‏ والرَّبائث جمعُ رَبِيثَة وهو الأمرُ يَحْبس الإنسان عن مَهامِّه‏.‏ وقد جاء في بعض الروايات <يَرْمُون الناسَ بالتَّرابيثِ> قال الخطَّابي‏:‏ وليسَ بشيء‏.‏

قلت‏:‏ يجوز - إن صحَّت الرواية - أن يكون جمع تَرْبيثّةٍ وهي المرَّة الواحِدة من التَّربِيثِ‏.‏ تَقُول‏:‏ ربَّثْتُه تَرْبيثاً وتَرْبيثَةً واحدةً، مثل قَدَّمْتُه تَقْديما وتَقْديمة واحدة‏.‏

‏{‏ربح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أبي طلحة <ذلك مالٌ رابحٌ> أي ذو ربْح، كقولك لاَ بِنٌ وتامِرٌ ويُروى بالياء‏.‏ وسَيَجيء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إنه نَهى عن رِبْح ما لم يُضْمَن> هو أن يَبِيعه سِاعَة قد اشتراها ولم يكن قَبضها بربْح، فلا يصحّ البيعُ ولا يَحِل الرِّبحُ؛ لأنَّها في ضمانِ البائع الأوّل، وليست من ضمان الثاني، فرِبْحُها وخسارتها للأوّل‏.‏

‏{‏ربحل‏}‏ *في حديث ابن ذي يَزَن <ومَلِكا رِبَحْلا> الرّبَحْل - بكسر الراء وفتح الباء المُوحدة - الكثير العَطَاء‏.‏

‏{‏ربخ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث علي <إنَّ رجلا خاصَمَ إليه أبَا امْرَأته فقال: زَوّجَني ابنته وهي مَجنُونة، فقال: ما بَدَا لَك من جُنُونها؟ فقال: إذا جامعتُها غُشِيَ عليها، فقال: تلكَ الرَّبوخُ؛ لسْتَ لها بأهْلٍ> أراد أن ذلك يُحْمَد منها‏.‏ وأصل الرَّبُوخ من تَربَّخ في مَشْيه إذا اسْترخَى‏.‏ يقال‏:‏ رَبَخَت المرأة تَرْبَخ فهي رَبُوخ؛ إذا عَرض لها ذلك عند الجماع‏.‏

‏{‏ربد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنَّ مسجدَه صلى اللّه عليه وسلم كان مِرْبَداً لِيَتيمَيْن> المِرْبَد‏:‏ الموضع الذي تُحْبَس فيه الإبل والغنم، وبه سُمِّيَ مِرْبَد المدينة والبَصْرة‏.‏ وهو بكسر الميم وفتح الباء، من رَبَد بالمكان إذا أقام فيه‏.‏ ورَبَدَه إذا حَبَسه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <إنه تَيَمَّم بمِرْبَد النَّعَم> والمِرْبد أيضا‏:‏ الموضع الذي يُجْعَل فيه التَّمر ليَنْشَف، كالبَيْدَر للحِنْطة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث حتى يقوم أبو لُبابة يَسُدّ ثَعْلبَ مِرْبَده بإزارِه> يعني موضع تَمْره‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث صالح بن عبد اللّه بن الزبير <إنه كان يَعْمل رَبَداً بمكة> الرّبَد بفتح الباء‏:‏ الطِين، والرَّبَّاد‏:‏ الطَّيَّان‏:‏ أي بِناء من طين كالسِّكْر، ويجوز أن يكون من الرَّبْد‏:‏ الحبْس؛ لأنه يَحْبِس الماء‏.‏ ويُروَى بالزاي والنون‏.‏ وسيجيء في موضعه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <إنه كان إذا نَزل عليه الوحْيُ أرْبَدَّ وجْهُه> أي تغيَّر إلى الغُبْرة‏.‏ وقيل الرُّبْدَة‏:‏ لوْن بين السَّواد والغُبْرة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث حُذَيفة في الفِتَن <أيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها صار مُرْبَدًّا> وفي رواية <صار مُرْبادًّا> هما من ارْبَدَّ وارْبادَّ‏.‏ ويريد ارْبِدادَ القلب من حيث المعنى لا الصور، فإن لَوْن القلب إلى السَّواد ماهو‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمرو بن العاص <إنه قام من عند عُمر مٌرْبَدَّ الوَجْه في كلامٍ أُسْمِعَه> ‏.‏

‏{‏ربذ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر بن عبد العزيز <إنه كتب إلى عامله عَدِيّ بن أرطاة: إنما أنت رِبْذة من الرِّبَذ> الرِّبْذة بالكسر والفتح‏:‏ صُوفة يُهْنأ بها البَعِير بالقَطِران، وخِرْقة يَجْلو بها الصائغ الحُليَّ، يعني إنما نُصِبْتَ عامِلا لِتُعالج الأمور بِرَأيك وتَجْلُوها بتَدْبيرك‏.‏ وقيل هي خِرْقة الحائض، فيكون قد ذَمَّه على هذا القول ونال من عِرْضه‏.‏ ويقال هي صُوفة من العِهْن تُعَلّق في أعناق الإبل وعلى الهَوادِج ولا طائلَ لها، فشَبَّهَه بها أنه مِن ذَوِي الشارة والمَنْظَر معقِلة النَّفْع والجَدْوَى‏.‏ وحَكَى الجوهري فيها الرَّبَذة بالتحريك وقال‏:‏ هي لُغة‏.‏ والرَّبَذة بالتحريك أيضا‏:‏ قَرْية معروفة قُرْب المدينة، بها قَبْر أبي ذَرّ الغِفارِي‏.‏

‏{‏ربز‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عبد اللّه بن بُسْر <قال: جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى دارِي فوضَعْنا له قَطِيفة رَبِيزَة> أي ضَخْمة، من قولهم كِيسٌ رَبِيز وصُرَّة رَبيزة‏.‏ ويقال للعاقل الثَّخِين‏:‏ رَبيز‏.‏ وقد رَبُز رَبَازة، وأرْبَزْتُه إرْبَازاً‏.‏ ومنهم من يقول رَمِيز بالميم‏.‏ وقال الجوهري في فصل الراء من حَرْف الزاي‏:‏ كَبْش رَبِيز أي مُكْتَنِز أعْجَرُ، مِثْل رَبِيس‏.‏

‏{‏ربس‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <إنَّ رجُلا جاء إلى قريش فقال: إن أهل خَيْبر أسَرُوا محمداً ويُريدون أن يُرسِلوا به إلى قومه ليَقْتُلوه، فجعَل المشركون يُرْبِسُون به العبَّاس> يَحتمل أن يكون من الإرْباس وهو المُراغَمة‏:‏ أي يُسْمِعونه ما يُسْخِطه ويَغِيظُه‏.‏ ويحتمل أن يكون من قولهم جاءوا بأمورٍ رُبْس‏:‏ أي سُود، يعني يأتونه بداهِية‏.‏ ويحتمل أن يكون من الرَّبِيس وهو المُصاب بمالٍ أو غيره‏:‏ أي يُصِيبون العبَّاس بما يَسُوءه‏.‏

‏{‏ربص‏}‏*فيه <إنما يُريد أنْ يَتربَّص بكم الدَّوائر> التَّرَبُّص‏:‏ المُكْث والانْتِظار‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏ربض‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أمّ معبد <فدَعا بإناءٍ يُرْبِضُ الرَّهْط> أي يُرْوِيهم ويُثْقٍلُهم حتى يناموا و يَمْتَدُّوا على الأرض‏.‏ مِن رَبضَ في المكان يَرْبِض إذا لَصِق به‏.‏ وأقام به مُلازِماً له‏.‏ يقال أرْبَضَت الشمسُ إذا اشتَدّ حرُّها حتى ترْبِض الوحشُ في كِنَاسِها‏.‏ أي تَجْعَلُها تَرْبض فيه‏.‏ ويُروى بالياء‏.‏ وسيجيء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنه بَعث الضَّحّاك بنَ سُفيان إلى قومه وقال: إذا أَتَيْتَهُم فاربِضْ في دارِهم ظَبْياً> أي أقِمْ في دَارِهم آمنا لا تَبْرحْ، كأنك ظبي في كِنَاسِه قدْ أمِن حيث لا يَرى إنْسِيًّا‏.‏ وقيل المعنَى أنه أمره أن يأتِيَهُم كالمُتوحِّش؛ لأنه بَيْن ظَهْرانَيِ الكَفَرة، فمَتى رابَه منهم رَيْب نَفَر عنهم شارِداً كما يَنْفِر الظَّبيُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر <ففتح الباب فإذا شِبْه الفَصِيل الرَّابِض> أي الجالس المُقيِيم‏.‏

ومنه الحديث <كرَبْضَة العَنْز> ويُروى بكسْر الراء‏:‏ أي جُثَّتها إذا برَكَت‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <إنه رَأى قُبَّة حَوْلها غَنَمٌ رُبُوض> جمع رَابِض‏.‏

وحديث عائشة <رأيت كأنّي على ظَرِبٍ وحَوْلي بَقَرٌ رُبُوض> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث معاوية <لا تَبْعَثُوا الرَّابِضين التُّرك والحبَشَة> أي المُقِيمين السَّاكنين، يُريد لا تُهَيّجُوهم عليكم ما دَامُوا لا يَقْصدُونَكم‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <الرَّابِضَةُ ملائكة أُهْبِطوا مع آدم يَهْدُون الضُّلاَّل> ولعَلَّه من الإقامة أيضا‏.‏ قال الجوهري‏:‏ الرَّابِضَة‏:‏ بَقِيَّة حَمَلة الحُجَّة، لا تَخْلُو منهم الأرض‏.‏ وهو في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <مَثَل المُنافق كمثل الشَّاة بَيْن الرَّبَضَيْن> وفي رواية <بين الرَّبِيضَين> الرَّبِيض‏:‏ الغَنم نَفْسها‏.‏ والرَّبَض‏:‏ مَوْضِعُها الذي تَرْبِض فيه‏.‏ أراد أنه مُذَبْذَب كالشاة الواحدة بين قَطِيعَين من الغَنَم، أو بين مَرْبِضَيْهما‏.‏

ومنه حديث علي <والناس حَوْلِي كَرَبيضَة الغنَم> أي كالغنَم الرُّبَّض‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنَا زَعيمٌ ببَيْت في رَبَض الجنَّة> هو بفتح الباء‏:‏ ما حَوْلها خارجا عنها، تَشْبيها بالأبْنِيَة التي تكون حول المُدُن وتحت القِلاَع‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن الزبير وبِنَاء الكعبة <فأخذ ابْن مُطِيع العَتَلة من شِقِّ الرُّبْض الذي يَلي دَارَ بَنِي حُمَيد> الرُّبْض بضم الراء وسكون الباء‏:‏ أساسُ البنَاء‏.‏ وقيل وسَطه، وقيل هو والرَّبَض سَواء، كسُقْم وسَقَم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث نَجبَة <زَوّج ابْنَته من رجل وجَهَّزَها، وقال: لا يَبِيت عَزَباً وله عندنا رَبَض> رَبَضُ الرَّجُل‏:‏ المرأةُ التي تَقُوم بشأنه‏.‏ وقيل هُو كلّ مَن اسْتَرحْت إليه، كالأمّ والبنْت والأختِ، وكالقيِّم والمَعيشة والقُوت‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أشراط الساعة <وأن تَنْطِق الرُّوَيْبضةُ في أمْر العامَّة، قيل: وما الرُّوَيْبضة يا رسول اللّه. فقال: الرجل التَّافِه يَنْطِق في أمْر العامَّة> الرُّوَيبضة، تصغير الرَّابِضة وهو العاجز الذي رَبَضَ عن مَعَالي الأمُور وقعَد عن طَلَبها، وزيادة التَّاء للمبالغَة‏.‏ والتَّافه‏:‏ الخَسِيس الحَقِير‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أبي لُبَابة <أنه ارْتَبَط بسِلْسِلَةٍ رَبُوض إلى أن تاب اللّه عليه> هي الضَّخْمة الثَّقِيلة اللاَّزِقة بصاحبها‏.‏ وفَعُول من أبْنية المبالغَة يَسْتوي فيه المذكر والمؤنث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث قَتْل القُرّاء يوم الجَمَاجِم <كانوا رِبْضَة> الرِّبْضة‏:‏ مَقْتَل قوم قَتلوا في بُقْعة واحدة‏.‏

‏{‏ربط‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إسْباغُ الوضُوء على المَكاره، وكَثْرةُ الخُطَا إلى المساجد، وانْتِظَار الصلاة بعْد الصلاة، فذَلِكم الرِّبَاط> الرّباط في الأصل‏:‏ الإقامة على جِهَاد العَدوّ بالحرب، وارْتباط الخليل وإعْدَادها، فَشبَّ به ما ذكِر من الأفعال الصَّالحة والعِبادة‏.‏ قال القُتَيبِي‏:‏ أصْل المُرابطَة أن يَرْبِطُ الفَرِيقان خيولَهم في ثَغْر، كُلٌّ منْهُما مُعدٌّ لصاحبه ‏(‏فسر القاموس المرابطة بقوله‏:‏ <أن يربط كل من الفريقين خيولهم في ثغرة، وكل معد لصاحبه> فسُّمِّي المُقام في الثُّغور رِبَاطاً‏.‏ ومنه قوله <فذَلِكم الرِّبَاط> أي أنّ الموَاظَبة على الطَّهارة والصلاة والعبادة‏.‏ كالجهاد في سبيل اللّه، فيكون الرِّبَاط مَصْدرَ رَابَطت‏:‏ أي لازَمْت‏.‏ وقيل الرِّباط ها هنا اسْم لِمَا يُرْبَطُ به الشيءُ‏:‏ أي يُشَدُّ، يعْني أن هذه الخِلال تَرْبُط صاحبها عن المعَاصي وتكُفُّه عن المَحَارم‏.‏

ومنه الحديث <إنَّ رَبِيطَ بَني إسرائيل قال: زَيْنُ الحكيم الصَّمْت> أي زَاهِدَهم وحكِيمَهم الذي رَبطَ نَفْسه عن الدنيا‏:‏ أي شَدّها ومنعَها‏.‏

ومنه حديث عَدِيّ <قال الشَّعبي: وكان لنَا جاراً ورَبِيطاً بالنَّهرَين> ‏.‏

ومنه حديث ابن الأكوع <فرَبطت عليه أسْتَبْقي نفْسي> أي تأخَّرتُ عنه، كأنه حبسَ نفسه وشدّها‏.‏

‏{‏ربع‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث القيامة <ألَم أذَرْك تَرْبَع وتَرْأس> أي تأخُذ رُبع الغنيمة‏.‏ يقال رَبَعْت القومَ أربُعُهم‏:‏ إذا أخَذْت رُبع أموالهم، مثل عَشَرْتُهم أعشُرُهم‏.‏ يريد ألم أجْعَلْكَ رئيساً مُطاعا؛ لأنّ الملك كان يأخذُ الرُّبع من الغنيمة في الجاهلية دُون أصحابه، ويُسَمَّى ذلك الرُّبع‏:‏ المِرْباع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه قوله لِعديّ بن حاتم <إنك تأكُلُ المِرْباعَ وهو لا يَحِل لك في دِينِك> وقد تكرر ذكر المِرْباع في الحديث‏.‏

ومنه شعر وفد تميم‏:‏

نحن الرُّءُوس وفِينَا يُقْسمُ الرُّبُعُ*

يقال رُبْع ورُبُعٌ، يريد رُبُعَ الغَنِيمة، وهو واحدٌ من أربعَة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمرو بن عَبْسة <لقد رَأيتُني وإني لَرُبُع الإسلام> أي رابعُ أهْل الإسْلام، تقدمني ثلاثة وكنت رابعَهم‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <كنت رابعَ أَربعة> أي واحِداً من أربعةٍ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الشَّعبي في السِّقْط <إذا نُكِسَ في الخَلْق الرَّابع> أي إذا صار مُضْغَة في الرَّحم؛ لأنّ اللّه عز وجل قال‏:‏ <فإنَّا خَلَقْناكم من تُراب، ثم من نُطْفة، ثم من عَلَقة، ثم من مُضْغة> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث شريح‏:‏ حَدِّثِ امرأةً حديثين، فإن أبَت فأربَع> هذا مَثلٌ يُضْرب لِلْبَليد الذي لا يَفْهم ما يقالُ له، أي كرِّر القول عليها أربعَ مرات‏.‏ ومنهم من يَرويه بوصل همزة أرْبع بمعنى قِفْ واقْتِصر، يقول حَدِّثها حديثين، فإن أبتْ فَأَمْسك ولا تُتْعِب نفسك‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي بعض الحديث <فجاءت عَيناه بأرْبعةٍ> أي بدمُوع جَرت من نواحي عينيه الأرْبع‏.‏

وفي حديث طلحة <إنه لمَّا رُبع يوم أحُد وشَلَّت يَدُه قال له: بَاءَ طلحةُ بالجنة> رُبعُ‏:‏ أي أُصيبَتْ أرْباع رَأسِه وهي نَواحيه‏.‏ قيل أصَابه حَمَّى الرِّبْع‏.‏ وقيل أُصِيب جَبِينُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث سُبَيعة الأسلمية <لمَّا تَعلَّت من نِفَاسها تَشوّفَت للخُطَّاب، فقيل لها لا يَحِل لك، فسألَت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال لها: ارْبَعي على نفسك> له تَأْويلاَن‏:‏ أحدُهما أن يكون بمعنى التَّوقُّف والانْتظار، فيكونُ قد أمَرها أن تكُفَّ عن التزوُّج وأن تَنْظر تَمام عِدَّةِ الوفاة، على مذهب من يقول إن عدّتها أبْعدُ الأجلين، وهو من رَبَع يَرْبَع إذا وقَف وانْتظر، والثاني أن يكون من رَبَع الرجُل إذا أخْصَب، وأرْبَع إذا دَخَل في الربيع‏:‏ أي نَفِّسي عن نَفْسِك وأخْرِجيها من بُؤُس العدِّة وسُوء الحالِ‏.‏ وهذا على مَذهب من يرى أنّ عِدّتها أدْنى الأجلين، ولهذا قال عُمَر‏:‏ إذا ولدَت وزوْجُها على سَرِيره - يعني لم يدفن - جاز أن تتَزوَّج‏.‏

ومنه الحديث <فإنه لا يَرْبَع على ظَلْعك من لا يَحْزُنه أمْرُك> أي لا يَحْتَبس عليك ويَصْبِرُ إلاَّ مَن يَهُمُّه أمْرُك‏.‏

ومنه حديث حليمة السعدية <ارْبَعي علينا> أي ارْفُقي واقْتَصري‏.‏

ومنه حديث صِلَة بن أشْيَم <قلت أي نَفْسُ، جُعِل رزْقُك كَفَافا فارْبَعي فرَبَعت ولم تَكُدّ> أي اقْتَصري على هذا وارْضَيْ به‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث المزارعة <ويُشْتَرطُ ما سَقى الرَّبيعُ والأربعاءُ> الرَّبيع‏:‏ النهرُ الصغيرُ، والأرْبِعاءُ‏:‏ جمعُه‏.‏

ومنه الحديث <وما يَنْبُتُ على ربيع السَّاقي> هذا من إضافَة الموصُوف إلى الصِّفة‏:‏ أي النَّهر الذي يَسْقي الزَّرع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فعدَاَ إلى الربيع فتطَهَّر> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <إنهم كانو يُكْرُون الأرضَ بما يَنْبُت على الأرْبِعاء> أي كانوا يُكْرُون الأرض بشيء مَعْلُوم ويَشْتَرِطُون بعد ذلك على مُكْتَرِيها ما يَنْبُتُ على الأنهار والسَّواقي‏.‏

ومنه حديث سهل بن سعد <كانت لنا عَجُوز تأخُذُ من أًصُول سِلْق كُنَّا نغْرسه على أرْبِعَائنا> ‏.‏

وفي حديث الدعاء <اللهم اجْعَل القُرآنَ ربِيع قَلْبي> جَعَله ربِيعاً له لأنّ الإنْسَانَ يرتاح قلبُه في الرَّبيع من الأزْمَان ويميلُ إليه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي دعاء الاستسقاء <اللهم اسْقنا غَيثاً مُغِيثاً مُرْبِعاً> أي عامًّا يُغْني عن الارْتِياد والنُّجْعَة، فالناس يَرْبعون حيث شاءوا‏:‏ أي يُقِيمون ولا يحتاجُون إلى الانتقال في طَلب الكلأ، أو يكون من أرْبعَ الغيثُ إذا أنْبَت الربيع‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عبد العزيز <أنه جَمَّع في مُتَربَّع له> المَرْبَع والمُتَربَّع والمُرْتَبع‏:‏ الموضع الذي يُنْزل فيه أيام الرَّبيع، وهذا على مَذْهب من يرى إقامة الجمعة في غَير الأمْطار‏.‏

وفيه ذكر <مِرْبع> بكسر الميم، وهو مَالُ مِرْبَعٍ بالمدينة في بني حارِثة، فأما بالفتح فهو جَبلٌ قُرْب مكة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <لم أجد إلا جملا خِيارا رباعِياً> يقال للذَّكر من الإبل إذا طلعتْ رَباعيَته رَباعٌ، والأنثَى رَبَاعِيَةٌ بالتخفيف، وذلك إذا دخلا في السنة السابعة‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <مُرِي بَنِيك أن يحسِنوا غِذاء رِباعِهم> الرّباع بكسر الراءِ جَمْعُ رُبَع، وهو ما وُلد من الإبل في الرَّبيع‏.‏ وقيل ما وُلد في أوّل النّتاج، وإحْسانُ غِذائِها أن لا يُسْتقصَى حَلب أُمهاتها إبْقَاءً عليها‏.‏

ومنه حديث عبد الملك بن عُمير <كأنه أخْفاف الرِّباع> ‏.‏

ومنه حديث عمر <سأله رجلٌ من الصَّدقة فأعطاه رُبَعَةً يَتْبَعُها ظْئْراها> هو تأنيثُ الرُّبَع‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث سليمان بن عبد الملك‏:‏

إن بَنِيَّ صبْيَةٌ صَيْفِيُّون ** أفْلَحَ من كان له رِبْعِيُّون

الرِّبْعِيُّ‏:‏ الذي وُلِد في الرَّبِيع على غيرِ قياسٍ، وهو مَثلٌ للعَرَب قَديمٌ‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفي حديث هشام في وصف ناقةٍ <إنَّها لمِرْبَاع مِسْيَاع> هي من النوق التي تَلِد في أوّل النّتاج‏.‏ وقيل هي التي تُبَكِّر في الحَمل‏.‏ ويُروى بالياء، وسيُذْكر‏.‏

وفي حديث أسامة قال له عليه الصلاة والسلام‏:‏ <وهل تَرك لنا عِقِيل من رَبْع> وفي رواية <من رِباع> الرَّبع‏:‏ المنزِل ودارُ الإقامةِ‏.‏ ورَبْعُ القوم مَحِلَّتُهم، والرِّباع جمعًه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عائشة <أرادت بيع رِباعِها> أي مَنازِلها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <الشُّفعة في كل رَبْعة أو حائطٍ أو أرضٍ> الرَّبعة أخَصُّ من الرَّبْع‏.‏

وفي حديث هِرَقْلَ <ثم دعا بشيء كالرَّبْعة العظيمة> الرَّبعة‏:‏ إناء مُرَبَّع كالجُونة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي كتابه للمهاجرين والأنصار <إنهم أمَّةٌ واحدةٌ على رِباعَتِهم> يقال القوم على رِباعهم ورِباعِهم‏:‏ أي على اسْتقامتِهم، يريد أنهم على أمرِهم الذي كانوا عليه‏.‏ ورِبَاعةُ الرجُل‏:‏ شأنُه وحالُه التي هو رابع عليها‏:‏ أي ثابتٌ مقيمٌ‏.‏

وفي حديث المُغيرة <إنّ فلانا قد ارْتَبع أمرَ القوم> أي انْتظر أن يُؤَمَّر عليهم‏.‏

ومنه <المُستَرْبِعُ> المُطِيقُ للشيء‏.‏ وهو على رِباعةِ قومِه‏:‏ أي هو سيِّدهم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ <أنه مرَّ بقوم يَرْبَعون حَجرا> ويُرْوى يَرْتَبعون‏.‏ رَبْعُ الحجر وارْتِباعُه‏:‏ إشالتُه ورَفْعُه لإظْهارِ القُوَّة‏.‏ ويُسمَّى الحجر المَرْبُوعَ والرَّبيعةَ، وهو من رَبَع بالمكان إذا ثَبَت فيه وأقام‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي صفته عليه الصلاة والسلام <أطْوَل من المَرْبُوع> هو بين الطويل والقصير‏.‏ يقال رجلٌ رَبْعة ومَرْبوع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أغِبُّوا عِيادة المريض وأرْبِعوا> أي دَعُوه يومين بعد العِيادة وأْتُوه اليوم الرابع، وأصلُه من الرِّبْع في أوراد الإبِل، وهو أن تَرِدَ يوما وتُتْركَ يومين لا تُسْقى، ثم تَرِد اليومَ الرابع‏.‏

‏{‏ربغ‏}‏ *فيه <لإنّ الشيطانَ قد أربَغ في قلوبكم وعشَّشَ> أي أقام على فساد اتَّسع له المُقام معه‏.‏ قال الأزهري‏.‏

وفي حديث عمر <هل لك في ناقَتَين مُرْبَغَتين سَمينَتَين> أي مُخْصِبَتين‏.‏ الإرْباغ‏:‏ إرْسالُ الإبل على الماء تَرِدُه أيَّ وقْتٍ شاءت، أرْبَغْتها فهي مُرْبَغَة، ورَبَغَت هي، أراد ناقَتَين قد أُرْبِغَتا حتى أخْصَبت أبدانُها وسَمِنتا‏.‏

وفيه ذكر <رابِغ> هو بكسر الباء‏:‏ بَطن وادٍ عند الجُحْفة‏.‏

‏{‏ربق‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ فيه <من فارق الجماعة قِيد شِبْر فقد خَلَع رِبقْة الإسلام من عُنُقه> مُفارقةُ الجماعةِ‏:‏ تُرْكُ السُّنة واتِّباع البِدْعة‏.‏ والرّبْقة في الأصل‏:‏ عُرْوة في حَبْل تُجعل في عُنُق البهيمة أو يَدِها تُمسِكها، فاسْعارها للإسلام، يعني ما يَشدُّ به المُسلم نفْسَه من عُرَى اللإسلام‏:‏ أي حُدُودده وأحكامه وأومِره ونواهيه‏.‏ وتُجمعُ الِّبقة على رِبَق، مِثل كِسرة وكِسر‏.‏ ويقال للحَبْل اللذي تكونُ فيه الرِّبْقة‏:‏ رِبْق، وتُجْمع على أرْباق ورِباق‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <لكم الوَفاءُ بالعَهْد ما لم تأكلوا الرِّباقَ> شَبَّه ما يلزَمُ الأعناقَ من العهد بالرِّباقَ، واستعار الأكلَ لنَقْضِ العهد، فإن البهيمة إذا أكَلت الرّبْق خَلَصت من الشَّدّ‏.‏

ومنه حديث عمر <وتَذَرُوا أرباقَها في أعناقِها> شبَّه ما قُلِّدَتْه أعناقُها من الأوزارِ والآثامِ، أو من وجود الحج، بالأرْباقِ اللازمة لأعناقِ البَهْم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عائشة تصف أباها <واضْطَرَب حَبْلُ الدِّين فأخَذَ بطَرَفَيْه ورَبَّق لكم أثْنائه> تُرِيد لمّا اضْطَرب الأمرُ يوم الرِدّة أحاطَ به من جَوانِبه وضَمَّه، فلم يَشذَّ منهم أحدٌ، ولم يخرج عما جَمَعهم عليه‏.‏ وهو من تربِيق البَهم‏:‏ شدِّه في الرِّباق‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي <قال لموسى بن طَلْحة: انْطلِق إلى العَسْكر فما وجَدْت من سلاح أو ثَوب ارتُبِق فاقْبِضْه، واتَّقي اللّهَ واجْلس في بيتِك> رَبَقْتُ الشيء وارْتَقَبْته لنفسي، كرَبْطته وارْتَبَطْته، وهو من الرِّبْقة‏:‏ أي ما وَجدتَ من شيء أُخِذَ منكم وأُصِيب فاسْتَرجِعْه‏.‏ كان من حُكْمه في أهل البَغْى أنّ ما وُجِد من مالهم في يَدِ أحدٍ يُسْتَرْجَع منه‏.‏

‏{‏ربك‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في صفة أهل الجنة <إنهم يَرْكبُون المَيَاثِر على النُّوق الرُّبْك> هي جمعُ الأرْبك، مثل الأرْمك، وهو الأسوَدُ من الإبل الذي فيه كُدْرة‏.‏

وفي حديث علي <تحيَّر في الظُّلمات وارْتَبك في المُهْلِكات> ارْتَبك في الأمر‏:‏ إذا وَقع فيه ونَشِب ولم يَتَخَلَّص، ومنه ارْتبَك الصَّيدُ في الحِبَالة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن مسعود <ارتبّك واللّهِ الشيخُ> ‏.‏

‏{‏ربل‏}‏*في حديث بني اسرائيل <فلمَّا كَثُروا وَرَبَلوا> أي غَلُظوا، ومنه تَربل جسمُه إذا انْتَفخ ورَبا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمرو بن العاص <انظُرُوا لنا رجُلا يتَجنَّب بنا الطَّريقَ، فقالوا: ما نَعْلم إلاَّ فُلاَنا فإنه كان رَبيلا في الجاهِليَّة> الرَّبِيلُ‏:‏ اللِّصُّ الذي يَغْزو القومَ وحْدَه‏.‏ ورَابِلَة العَرب هُم الخُبَثَاء المُتَلَصّصُون على أسْؤُقهم‏.‏ هكذا قال الهَروي‏.‏ وقال الخطَّابي‏:‏ هكذا جاء به المُحَدِّث بالباء الموحدة قبل الياء‏.‏ قال‏:‏ وأراه الرَّيْبَل، الحرف المعتل قبلَ الحرف الصَّحيح‏.‏ يقال ذئْبٌ رِيبال، ولصٌّ رِيبال‏.‏ وسُمّي الأسدُ رِيبَالاً لأنه يُغِير وحده، والياءُ زائدة‏.‏ وقد يُهمز ولا يُهمز‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن أُنَيس <كأنه الرِّئبال الهَصُور> أي الأسدُ، والجمُع الرآبيل والرَّيابيل، على الهَمْز وتَرْكِه‏.‏

‏{‏ربا‏}‏*قد تكرر ذكرُ <الربا> في الحديث والأصلُ فيه الزِّيادة‏.‏ ربا المالُ يربُوا رَبْواً إذا زاد وأرْتَفع، والاسمُ الرّبا مَقْصُور، وهو في الشَّرع‏:‏ الزّيادةُ على أصْل المالِ من غير عَقْد تبايُع، وله أحكامٌ كثيرةٌ في الفقهِ‏.‏ يقال‏:‏ أربَى الرجل فهو مُرْبٍ‏.‏

ومنه الحديث <من أجْبَى فقد أرْبَى> ‏.‏

ومنه حديث الصَّدقة <فتَرْبُوا في كفّ الرحمن حتى تكونَ أعظمَ من الجبل> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <الفردوس رَبْوة الجنَّة> أي أرْفَعُها‏.‏ الرُّبْوة بالضم والفتح‏:‏ ما ارْتفع من الأرض‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث طَهْفة <من أبَى فعليه الرِّبْوَةُ> أي من تَقَاعد عن أدَاء الزَّكاةِ فعليه الزِّيادة في الفَريضَة الواجبةِ عليه، كالعُقُوبة له، ويُروى <من أقَرَّ بالجِزْية فعليه الرِّبْوة> أي من امْتنَع عن الإسلام لأجْل الزكاة كان عليه من الجِزْية أكثَرُ مما يجب عليه بالزكاة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي كتابه في صُلْح نَجْران <أنه ليس عليهم رُبِّيَّةٌ ولا دمٌ> قيل إنما هي رُبْيَة من الرِّبا، كالحُبْية من الإحْتِباء، وأصلُهُما الواوُ، والمعنى أنه أسْقَط عنهم ما اسْتَسْلَفُوه في الجاهلية مِن سَلفٍ، أو جَنَوْه من جِنَايةٍ‏.‏ والرُّبية - مخفَّفة - لُغَة في الرِّبا، والقياسُ رُبْوَة‏.‏ والذي جاء في الحديث رُبّيَّة؛ بالتشديد، ولم يُعْرف في اللغة‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ سَبيلُها أن تكون فُعُّولَة من الرِّبا، كما جعل بعضهم السُّرِّية فُعُّولة من السّرْوِ، لأنها أسْرِى جَواري الرجُل‏.‏

وفي حديث الأنصار يوم أُحُدٍ <لإن أصَبْنَا منهم يوماً مثلَ هذا لنُرْبيَنَّ عليهم في التمثيل> أي لنَزِيدَنّ ولنُضَاعِفَنّ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عائشة <مالَكِ حَشْياءَ رابيةً> الرَّابِية التي أخذَها الرَّبْوُ، وهو النَّهيجُ وتواتُرُ النَّفَس الذي يَعْرِض للمُسْرع في مَشْيهِ وحرِكته‏.‏

 باب الراء مع التاء

‏{‏رتب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث لُقْمان بن عاد <رَتَب رُتُوب الكَعْب> أي انْتَصب كما يَنْتَصب الكَعْب إذا رميته‏.‏ وصفه بالشَّهامة وحدَّة النَّفْس ‏(‏أنشد الهروي لأبي كبير‏:‏

وإذا يَهُبُّ من المنام رأيتَه ** كرُتوبِ كعبِ السّاق لَيسَ بِزُمَّلِ‏)‏

ومنه حديث ابن الزبير <كان يُصلي في المسجد الحرام، وأحجار المَنْجَنِيق تمرُّ على أذُنه وما يلْتَفِت كأنَّه كعبٌ رَاتِب> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <من مَات على مَرْتبة من هذه المَرَاتب بُعثَ عليها> المَرْتَبة‏:‏ المَنْزِلة الرَّفيعةُ، أراد بها الغزْوَ والحجَّ ونحوهما من العِبَادات الشَّاقَّة، وهي مَفْعَلة، من رَتَب إذا انْتصب قائماً والمَرَاتبُ جَمعُها‏.‏

وفي حديث حذيفة قال يوم الدَّار‏:‏ <أَمَا إنَّه سيكونُ لها وقفَات ومَراتب، فمن مات في وقَفَاتها خيرٌ ممن مات في مَرَاتبها> المَرَاتبُ‏:‏ مضَايقُ الأوْدِية في حُزُونة‏.‏

‏{‏رتت‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث المِسور <أنه رأى رجلا أرَتَّ يَؤُمُّ الناس فأخَّرَه> الأرَتُّ الذي في لسانه عُقدة وحُبْسة، ويَعجَلُ في كلامه فلا يُطَاوِعُه لِسانُه‏.‏

‏{‏رتج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنّ أبْوابَ السَّماء تُفْتَحُ فلا تُرْتَج> أي لا تُغْلق‏.‏

ومنه الحديث <أمَرَنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بإرْتاج الباب> أي إغلاقه‏.‏

ومنه حديث ابن عمر <أنه صَلَّى بهم المغرب فقال: ولا الضَّالِّين، ثم أُرْتج عليه> أي اسْتَغلَقَت عليه القِراءَةُ‏.‏ ويقال أيضا للباب رِتَاج‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث<جعل ماله في رِتاَج الكَعْبة> أي لها، فكَنَى عنها بالباب، لأن منه يُدْخَل إليها‏.‏ وجمع الرِّتاج‏:‏ رُتُج‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث مجاهد عن بني إسرائيل <كانت الجَرادُ تأكل مَسامِيرَ رُتُجِهم> أي أبوابهم‏.‏

ومنه حديث قُسّ <وأرضٌ ذاتُ رِتاج> ‏.‏

وفيه ذكرُ <رَاتج> بكسر التاء، وهو أُطُم من آطام المَدينة، كثيرُ الذِّكْر في الحديث والمَغَازي‏.‏

‏{‏رتع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الإستسقاء <اللهم اسْقِنا غَيثاً مُرْبعا مُرْتِعا> أي

يُنْبتُ من الكَلأ ما تَرْتعُ فيه المَواشِي وتَرْعاه‏.‏ والرَّتَع‏:‏ الاتِّساعُ في الخِصْب‏.‏ وكل مُخْصِب مُرْتعٌ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن زِمْل <فمنهم المُرْتِع> أي الذي يُخَلِّي رِكابَه تَرتعُ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه أمّ زرع <في شِبَع وزِيّ ورَتْع> أي تَتَعُّمٍ‏.‏

ومنه الحديث <إذا مَرَرْتُم برياض الجنة فارتَعُوا> أراد برياض الجنة ذِكرَ اللّه، وشبَّه الخوض فيه بالرَّتع في الخِصْب‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <وأنه من يَرتعُ حولَ الحِمَى يُوشك أن يُخَالِطه> أي يطُوف به ويدُور حَوله‏.‏

ومنه حديث عمر <إني واللّه أُرْتِع فأُشْبِع> يُريد حُسنَ رِعايتِه للرَّعيَّة، وأنه يَدَعُهم حتى يَشْبَعوا في المَرْتع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الغَضْبان الشَيباني <قال له الحجاجُ: سَمِنت،قال: أسْمَنني القَيدُ والرَّتَعَة> الرَّتَعَة بفتح التاء وسكونها‏:‏ الإتِّساعُ في الخِصْب‏.‏

‏{‏رتك‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث قيْلة <تَرْتِكَان بَعِيِرَيْهِما> أي يَحْمِلانِهما على السَّير السَّريع يقال رَتَكَ يَرْتِك رَتْكا ورَتَكانا‏.‏

‏{‏رتل‏}‏*في صفة قراءة النبي صلى اللّه عليه وسلم <كان يُرَتِّل آيةً آيةً> تَرتيلُ القِراءة‏:‏ التَّأني فيها والتَّمهُّلُ وتَبْيين الحروف والحَركات، تَشبيهاً بالثَّغْر المُرَتَّل، وهو المُشَبَّه بِنَوْرِ الأُقحُوان‏.‏ يقال رَتَّل القراءة وترتَّل فيها‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏رتم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أبي ذر <في كُلّ شيء صَدقة حتى في بيانك عن الأرْتَم> كذا وقع في الرواية، فإن كان محفوظاً فلعلَّه من قولهم‏:‏ رتمتُ الشيءَ إذا كَسَرتَه، ويكون معناه معنى الأرَتِّ، وهو اللذي لا يُفْصِح الكلامَ ولا يصحِّحه ولا يُبَيِّنه، وإن كان بالثَّاء المثلثة فيُذْكَر في بابه‏.‏

وفيه <النَّهْى عن شَدِّ الرَّتائم> هي جمع رَتِمَةٍ، وهي خَيطٌ يُشَدّ في الأصْبَع لتُسْتَذْكَر به الحاجة‏.‏

‏{‏رتا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <الحَسا يرْتُو فُؤَادَ الحزِين> أى يَشُدُّه ويُقَوِّيه‏.‏

وفي حديث فاطمة <أنها أقْبَلت إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال لها: ادْني يا فاطمة، فدنَت رَتوة، ثم قال لها: ادْني يا فاطمة، فدنت رَتْوة> الرَّتْوةُ ها هنا‏:‏ الخطْوَة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث مُعَاذ <أنه يتقدَّم العلماء يوم القيامة برَتْوَة> أي برَمية سَهم ‏(‏اللذي في الهروي‏:‏ <أي بدرجة ومزلة. ويقال بخطوة> وفسر الرتوة في حديث أبي جهل بما فسرها به ابن الأثير في حديث معاذ‏)‏ ‏.‏ وقيل بميل‏.‏ وقيل مَدَى البصر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي جهل <فيَغِيب في الأرض ثم يَبدو رَتْوة>

 باب الراء مع الثاء

‏(‏رثأ‏)‏*في حديث عمرو بن معدي كرب <وأشْرَبُ التِّبن من اللبن رَثِيئَة أو صَريفاً> الرَّثِيئَة‏:‏ اللبن الحليبُ يُصَب عليه الحامض فيَرُبّ من ساعَته‏.‏

ومن أمثالهم <الرَّثيئَة تَفْثأ الغَضَب> أي تَكْسره وتُذْهبه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث زياد <لَهُو أشهى إلىَّ من رَثيِئَة فُثِئَة بسُلالة ثَغْب في يومٍ شديد الوَديقة>‏.‏

‏{‏رثث‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <عفَوتُ لكم عن الرِّثَّة> وهي متاعُ البيت الدُّونُ‏.‏ وبعضهم يرويه الرَّثيَّة، والصواب الرِّثَّة بوزن الهِرَّة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي <أنه عَرَّف رَثَّة أهل النَّهْر، فكان آخر ما بَقي قِدْر> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث النعمان بن مُقَرِّن يوم نَهاونْدَ <ألا إنّ هؤلاء قد أخْطَروا لَكُم رِثَّة وأخْطَرتم لهم الإسلام> وجمعُ الرّثة‏:‏ رِثاثٌ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فَجُمِعت الرّثاث إلى السَّائب> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن نَهيك <أنه دخل على سَعْدٍ وعنده متاعٌ رَثٌّ، ومِثالٌ رثٌّ> أي خَلَقٌ بالٍ‏.‏

وفي حديث كعب بن مالك <أنه ارْتُثَّ يوم أُحد، فجاء به الزُّبير يقود بزِمام راحلَتِه> الارْتِثاثُ‏:‏ أن يُحْمل الجريح من المعركة وهو ضَعيِفٌ قد أثْخَنَتَه الجراح‏.‏ والرَّثيثُ أيضا‏:‏ الجريحُ، كالمرْتَثّ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث زيد بن صُوحان <أنه ارْتُثَّ يوم الجَمل وبه رَمَق> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أمّ سلمة <فرآني مُرْتَثَّة> أي ساقِطَة ضَعِفَةً‏.‏ وأصلُ اللَّفظة من الرَّثِّ‏:‏ الثَّوب الخَلَق‏.‏ والمرْتَثّ‏:‏ مُفْتَعِل منه‏.‏

‏{‏رثد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر <أنّ رجُلا ناداه فقال: هل لك في رجل رثَدْتَ حاجته وطالَ انْتظارُه> أي دَافعتَ بحوائجه ومَطَلْته، من قولك‏:‏ رثَدْتُ المتاعَ إذا وضعت بعضه فوقَ بعض‏.‏ وأراد بحاجَتِه حَوائجه، فأوقَعَ المُفْرَد موقعَ الجَمْع، كقوله تعالى <فاعْتَّرفُوا بذَنْبهم> أي بذُنُوبهم‏.‏

‏{‏رثغ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن عبد العزيز يصف القاضي يَنْبَغي أن يكونَ مُلْقياً للرّثَع مُتَحمِّلا لِلاَّئمةِ> الرثِع بفتح الثاء‏:‏ الدَّناءة والشَّرَهُ والحِرْصُ، ومَيْل النَّفْس إلى دَنِئ المطَامِع‏.‏

‏{‏رثم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <خيرُ الخَيل الأرْثَمُ الأقرح> الأرْثَم‏:‏ الذي أنفه أبيضُ وشَفَتُه العليا‏.‏

وفي حديث أبي ذر <بيَانُك عن الأرْثَم صَدَقةٌ> هو الذي لا يُصَحّح كلامه ولا يُبَيِّنهُ لآفةٍ في لسانه أو اسْنانِه‏.‏ وأصلُه من رَثِيم الحَصى، وهو مادُقَّ منه بالأخْفاف، أو من رَثَمْثُ أنفّه إذا كسرتَه حتى أدْمَيته، فكأن فمه قد كُسر فلا يُفْصِح في كلامه‏.‏ ويُروى بالتاء وقد تقدّم‏.‏

‏{‏رثى‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنّ أُخْت شَدّاد بنِ أوسٍ بَعَثت إليه عند فِطْره بقدَح لَبنٍ وقالت: يارسول اللّه إنَّما بَعثْتُ به إليك مَرْثِيَةً لك من طولِ النَّهار وشدّة الحرِّ> أي تَوجُّعاً لك وإشْفاَقاً، من رثى له إذا رَقَّ وتوجَّع‏.‏ وهي من أبنية المصادر، نحو المَغْفِرَة والمَعْذِرَة‏.‏ وقيل الصَّوابُ أن يقال مَرْثاةً لك، من قولهم رَثَيْتُ للحيّ رَثْيا ومرْثاة، ورثيت المّيت مَرْثية‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنه نهَى عن التَّرَثِّي> وهو أن يُنْدَب المَيّت فيقال‏:‏ وَافُلاَناه‏.‏

 باب الراء مع الجيم

‏(‏رجب‏)‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث السَّقيفة <أنا جُذَيلُها المُحَكَّكُ: وعُذَيْقُها المرَجَّبُ> الرُّجْبَة‏:‏ هو أن تُعمْد النَّخْلة الكريمةُ بِبِناءِ من حجارة أو خشب إذا خِيفَ عليها لِطُولِها وكثرة حَمْلِها أن تقع‏.‏ ورجَّبتْها فهي مُرَجَّبَه‏.‏ والعُذَيقُ‏:‏ تصغير العَذْق بالفتح، وهي النخلةُ، وهو تصغيرُ تَعظْيم، وقد يكون تَرْجِيبها بأن يُجعْل حَولَها شَوكٌ ِلئلا يُرْقَى إليها، ومن التَّرْجيب أن تُعمْد بخشبة ذاتِ شُعْبَتَين‏.‏ وقيل‏:‏ أراد بالتَّرجِيب التَّعظيمَ‏.‏ يقال رَجَبَ فُلان مَوْلاه‏:‏ أي عَظَّمه‏.‏ ومنه سُمّى شهرُ رَجَب، لأنه كان يُعظَّم‏.‏

ومنه الحديث <رَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمَادى وشعبانَ> أضافَ رَجَباً إلى مُضَرَ؛ لأنهم كانوا يُعظِّمُونه خلافَ غيرهم، فكأنَّهم اخْتَصُّوا به، وقوله بين جُمَادى وشعبانَ تأكيدٌ للبيان وإيضاحٌ؛ لأنَّهم كانوا يُنسِئُونه ويُؤَخِّرونَه من شهر إلى شهر، فيتَحَوّل عن موضعه المُخْتَصِّ به، فبّيَّن لهم أنه الشَّهرُ الذي بين جُمادَى وشعبانَ، لا ما كانوا يُسَمُّونه على حِساب النَّسِيء‏.‏

وفيه <هل تَدْرُون ما العَتِيرَةُ؟ هي التي تُسَمُّونها الرَّجَبِيَّة> كانوا يَذْبَحُون في شهر رجب ذَبِيحةً ويَنْسُبُونها إليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <ألا تُنَقُّون رَواجبَكم> هي ما بين عُقَد الأصابع من دَاخل، واحدُها رَاجبَةٌ، والبَراجِمُ‏:‏ العُقدُ المُتَشَنّجةُ في ظاهر الأصابع‏.‏

‏{‏رجج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <من رَكبَ البَحرَ إذا ارْتَجَّ فَقد بَرئت منه الذمّة> أي اضْطَرب، وهو افْتَعل، من الرَّجِّ، وهو الحركةُ الشَّديدَةُ‏.‏ ومنه قوله تعالى <إذا رُجَّت الأرضُ رَجًّا> ‏.‏

وروي أرْتَج، من الإرْتاج‏:‏ الإغْلاق، فإن كان مَحْفُوظاً فمَعناه أُغْلق عن أن يُرْكب، وذلك عندَ كَثْرة أمْواجه‏.‏

ومنه حديث النفخ في الصُّور <فَترْتَجُّ الأرضُ بأهْلها> أي تَضْطَرِب‏.‏

ومنه حديث ابن المسيّب <لمَّا قُبِض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ارْتَجَّت مكةُ بصَوتٍ عالٍ> ‏.‏

ومنه حديث علي <وأمّا شيطان الرَّدْهَة فقد كُفيتُه بِصَعْقَةٍ سمعْتُ لها وجْبَة قلْبِه ورَجَّة صَدْرِه> ‏.‏

وحديث ابن الزبير <جاء فرَجَّ البابَ رَجَّا شديداً> أي زَعْزَعَه وحرَّكه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر بن عبد العزيز <الناس رَجَاجٌ بعْد هذا الشيخ> يعني مَيْمُونَ بن مِهْرانَ> هم رَعَاعُ الناس وجُهَّالُهم‏.‏

‏{‏رجح‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عائشة وزَوَاجها <إنها كانت على أُرْجُوحة> وفي رواية <مَرْجُوحة> الأُرْجُوحةُ‏:‏ حَبْلٌ يُشَدُّ طَرَفاه في مَوضِع عَالٍ ثم يَرْكبُه الإنسانُ ويُرَّك وهو فيه، سُمَّى به لتَحَرّكه ومَجِيئه وذَهَابه‏.‏

‏{‏رجحن‏}‏ * في حديث علي <في حُجُرات القُدس مُرجَحِنّين> ارْجَحنَّ الشيء إذا مَالَ من ثقله وتَحرَّك‏.‏

ومنه حديث ابن الزبير في صِفَةِ السَّحَاب <وارْجَحَنَّ بَعْد تَبَسُّق> أي ثَقُل ومال بعد عُلُوّه، أورَدَ الجوهَرِيّ هذا الحرفَ في حَرْف النُّون، على أنّ النُّون أصلية، وغيره يجعلها زائدةً من رجَح الشيء يَرْجَح إذا ثَقل‏.‏

‏{‏رجرج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن مسعود <لا تَقُوم السَّاعة إلا على شِرار النَّاس كرِجْرِجَة المْاء الخَبيث> ‏(‏رواية الهروي‏:‏ رِجْرِجةً كَرجرِجة الماء الخبيث‏)‏ الرِّجْرِجةُ - بكسر الرَّائين - بَقِية المْاء الكَدِرة في الحَوض المُخْتَلِطةُ بالطّين، فلا يُنتَفعِ بها‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ الحديث يُروى كرِجْرَاجَة الماء‏.‏ والمعرُوفُ في الكلام رِجْرِجَة‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ <الرِّجْرَاجة: هي المرأةُ الَّتي يَتَرجْرَج كَفَلُها. وكَتِيبَة رَجْراجَة: تَموج من كَثْرتها، فكأنه - إن صَحَّت الرِّوَاية - قَصَد الرِّجْرجة، فجاء بوصفها؛ لأنها طينة رقيقَةٌ تَترَجْرَجُ> ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ في حديث الحسن، وذكر يَزيد بن المُهَلَّب، فقال‏:‏ <نَصَبَ قَصَباً عَلَّقَ عليها خِرَقاً فاتَّبَعَه رِجْرِجَة من الناس> أراد رُذَالةَ الناس ورَعَاعَهم الذين لا عُقُولَ لهم‏.‏

‏{‏رجز‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الوليد بن المُغيرة حين قالت قُرَيْشٌ للنبي صلى اللّه عليه وسلم إنه شاعرٌ فقال‏:‏ <لقد عَرَفتُ الشِّعْرَ؛ رَجَزَهُ وهَزَجَه وقريضه فما هو به> الرَّجز‏:‏ بحر من بحور الشعر معروف ونوع من أنواعه، يكون كلُّ مصراع منه مفردا، وتسمى قصائده أراجيز واحدها أُرجوزةٌ، فهو كهيئة السجع إلا أنه في وزن الشِّعرِ‏.‏ ويُسَمَّى قائلُه راجزاً، كما يُسمى قائلُ بُحُورِ الشِّعرِ شاعراً‏.‏ قال الحربي‏:‏ ولم يَبْلُغني أنه جَرَى على لسان النبي صلى اللّه عليه وسلم من ضُرُوب الرَّجَز إلاَّ ضَرْبان‏:‏ المَنْهوك، والمَشْطُور‏.‏ ولم يَعُدَّهما الخليلُ شِعراً، فالمنْهوُك كقوله في روايةِ البَراءِ أنه رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم على بَغْلَةٍ بيضاء يقول‏:‏ أنا النَّبِيُّ لا كَذِبْ أنا ابن عَبْدِ المُطَّلِبْ

والمشطور كقوله في رواية جُنْدب أن النبي صلى اللّه عليه وسلم دَمِيَت إصبعه فقال‏:‏

هل أنتِ إلاَّ إصبعٌ دَمِيتِ ** وفي سبيلِ اللّهِ ما لَقِيتِ

وروى أن العجّاج أنشد أبا هريرة‏:‏

ساقاً بَخَنْدَاةً وَكَعْباً أدْرَما*

فقال‏:‏ كان النبي عليه الصلاة والسلام يُعْجِبُهُ نَحْوَ هذا من الشِّعر‏.‏ قال الحربيُّ‏:‏ فأما القصيدةُ فلم يَبْلُغني أنه أنشد بيتاً تاماً على وَزْنه، إنما كان يُنْشِد الصَّدر أو العَجُز، فإن أنشده تاماً لم يُقِمْه على ما بُنِيَ عليه، أنشد صدر بَيْت لَبِيد‏:‏

أَلا كُلُّ شيءٍ ما خَلا اللّهَ باَطِلُ*

وسكت عن عَجُزِه وهو‏:‏

وكُلُّ نَعِيمٍ لا مَحالةَ زائِلُ*

وأنشد عَجُزَ بيت طَرَفَة‏:‏

ويأتيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تُزَوِّدِ*

وصدره

سَتُبْدِي لكَ الأيَّامُ ما كُنتَ جاهِلا*

وأنشد ذَاتَ يوم‏:‏

أتَجْعَلُ نَهْبِي ونَهْبَ العُبَي ** دِ ‏[‏العبيد‏]‏ بَيْنَ الأقْرَع وعُيَينَة

فقالوا‏:‏ إنما هو‏:‏

بينَ عُيَينَة والأقرعِ*

فأعادها‏:‏ بين الأقْرَع وعُيَينْة، فقام أبو بكر فقال‏:‏ أشهد أنك رسول اللّه‏.‏ ثم قرأ <وَما عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وما يَنْبَغِي لَهُ> ‏.‏ والرَّجَز بِشعر عند أكثرهم‏.‏ وقوله‏:‏

أنا ابْنُ عَبد المُطَّلب*

لم يقله افْتخاراً به؛ لأنه كان يكْره الانتساب إلى الآباء الكُفَّار، ألا تَراه لَّما قال له الأعرابي‏:‏ يا ابن عبد المُطَّلب، قال‏:‏ قد أجَبْتُكَ، ولم يَتَلَفَّظ بالإجابةِ كَراهَةً منه لِما دَعاه به، حيثُ لم يَنْسُبه إلى ما شرَّفه اللّه به من النُّبُوَّة والرسالة، ولكنَّه أشار بقوله‏:‏ أنا ابن عبد المطلب إلى رُؤيا رآها عبد المطلب كانت مشهورة عندهم، رأى تَصْديقها، فذكَّرَهم إيَّاها بهذا القول‏.‏ واللّه أعلم‏.‏

وفي حديث ابن مسعود <مَن قرا القرآن في أقلَّ من ثلاثٍ فهو رَاجزٌ> إنما سمَّاه راجِزاً لأن الرَّجَز أخفُّ على لسانِ المنشد، واللسان به أسرعُ من القصيد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فَرَسٌ يقالُ له المُرْتَجِزُ> سُمَّى به لحُسْن صَهِيلِه‏.‏

وفيه <إن معاذاً أصابه الطاعونُ فقال عمرو بن العاص:لا أراه إلا رِجزاً أوطُوفاناً، فقال مُعاذ: ليس برِجز ولا طُوفان> قد جاء ذِكْر الرِّجْز مُكَرَّرا في غير موضع، وهو بكسر الراءِ‏:‏ العذابٌ والإثمُ والذَّنْبُ‏.‏ ورجزُ الشيطان‏:‏ وَساوِسه‏.‏

‏{‏رجس‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أعوذُ بك من الرِّجْس النّجِس> الرِّجْسُ‏:‏ القَذَر، وقد يُعَبَّرُ به عن الحرام والفعلِ القبيح، والعذاب، والَّلْعنة، والكفر، والمرادُ في هذا الحديث الأولُ‏.‏ قال الفَرّاء‏:‏ إذا بَدأَوا بالنجس ولم يذكروا معه النِّجْس فتَحُوا النون والجيمَ، وإذا بَدأُوا بالرِّجسِ ثم أتْبَعُوه النّجسَ كَسَروا الجيم‏.‏

ومنه الحديث <نَهى أن يُسْتُنْجَى بِرَوثةٍ وقال: إنها رِجْسٌ> أي مُسْتَقذَرة‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث سَطيح <لمَّا وُلِدَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ارتَجَس إيوان كِسْرَى> أي اضطَرب وتحرَّك حَرَكة سُمِع لها صَوْتٌ‏.‏

ومنه الحديث <إذا كان أحدُ في الصلاة فوجد رِجْساً أو رِجْزاً فلا يَنصَرِف حتى يسْمع صَوْتاً أو يَجِدَ رِيحاً> ‏.‏

‏{‏رجع‏}‏ *في حديث الزكاة <فإنهما يَتَراجعانِ بينهما بالسَّوِيّة> التَّراجُع بين الخَليطَين‏:‏ أن يكون لأحدهما مثلا أربعون بَقَرة، وللآخَرِ ثلاثون ومالهما مُشْتَرَك، فيأخُذُ العاملُ عن الأربعين مُسِنَّةً، وعن الثلاثين تَبِيعاً، فيَرْجِع باذِلُ المُسِنَّة بثلاثةِ أسْباعِها على خَلِيطِه، وباذِلُ التَّبِيع بأربعةِ أسباعِه على خَلِيطِه؛ لأنَّ كلّ واحدٍ من السِّنَّيْن واجبٌ على الشُّيوع، كأن المالَ مِلْكُ واحدٍ وفي قوله‏:‏ بالسَّويةٍ دليلٌ على أنَّ الساعِيَ إذا ظَلَم أحدَهما فأخَذَ منه زيادةً على فَرْضِه فإنه لا يَرْجِع بها على شَرِيكِه، وإما يَغْرَم له قيمة ما يَخُصُّه من الواجب عليه دونَ الزيادةِ‏.‏ ومن أنواع التَّراجُع أن يكون بين رَجُلين أربعون شاةً، لكل واحد منهما عشرون، ثم كل واحد منهما يَعْرفُ عينَ مالِه، فيأخذ العامِل من غَنَم أحدِهما شاةً، وفيه دليلٌ على أن الخُلْطة تَصِحُّ مع تمييزِ أعْيان الأموالِ عند من يقول به‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه رأى في إبِل الصدقة ناقةً كَوْماءَ، فسألَ عنها المُصَدِّق فقال: إنِّي ارْتَجَعْتُها بإبِل فسَكَتَ> الارْتِجاع‏:‏ أن يَقْدَم الرجُل بإبِله المِصْرَ فيَبِيعها ثم يَشترِي بثَمنِها غيرَها فهي الرِّجْعة بالكسر، وكذلك هو في الصَّدقة، إذا وَجَب على رَبّ المالِ سِنٌّ من الإبل فأخذ مكانَها سِنًّا أخْرَى، فتِلك التي أخذَ رِجْعةٌ؛ لأنه ارْتَجَعها من الذي وجَبَتْ عليه‏.‏

ومنه حديث معاوية <شكَتْ بنُو تَغْلِبَ إليه السَّنَة، فقال: كيف تَشْكون الحاجة مع اجْتِلاب المِهارةِ وارْتِجاعِ البِكارة> أي تَجْلُبون أولاد الخليل فتَبِيعُونها وتَرْتَجِعون بأثْمانِها البِكارة لقِنْيَة، يعني الإبِل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه ذكر <رَجْعة الطلاق في غير موضع> وتُفْتَح راؤُها وتُكْسر على المرَّة والحالِة، وهو ارْتِجاعُ الزَّوْجةِ المُطَلَّقة غير البائنة إلى النكاح من غير استئْنافِ عَقْد‏.‏

وفي حديث السُّحور <فإنه يُؤَذّن بِلَيْل؛ ليَرجِعَ فأعَكم ويُوقِظَ نائِمَكم> القائمُ‏:‏ هو الذي يُصَلِّي صلاةَ الليل، ورُجوعُه‏:‏ عَودُه إلى نَومِه، أو قُعودُه عن صلاته إذا سَمِع الأذان‏.‏ ويَرجِع‏:‏ فِعْلٌ قاصِر ومُتَعدٍّ، تقول رَجَع زيدٌ، ورَجَعْتُه أنا، وهو ها هنا مُتَعدٍّ؛ ليُزاوج يُوقِظ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي صفة قراءته عليه الصلاة والسلام يوم الفتح <أنه كان يُرَجِّع> التَّرجِيعُ‏:‏ تَرْدِيدُ القراءةِ، ومنه تَرْجيعُ الأذان‏.‏ وقيل هو تقاربُ ضُرُوب الحَرَكات في الصَّوت‏.‏ وقد حَكَى عبد اللّه ابن مُغَفَّل تَرْجيعَه بمدِّ الصَّوت في القراءةِ نحو‏:‏ آء آء آء، وهذا إنما حَصَل منه واللّه أعلم يوم الفتح؛ لأنه كان راكباً، فجَعَلت الناقة تُحَرِّكُه وتُنَزِّيه، فحدَثَ التَّرجيعُ في صَوْته‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث آخر <غير أنه كان لا يُرَجِّع> وَوَجْهُه أنه لم يكن حينئذٍ راكباً، فلم يَحدُث في قِراءتِه التَّرجِيعُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه نَفَّلَ في البَدْأة الرُّبُع، وفي الرَّجْعة الثُّلُث> أراد بالرَّجْعة عَودَ طائفةٍ من الغُزاة إلى الغَزْو بعد قُفُولهم، فيُنَفِّلُهم الثلث من الغَنيمةِ؛ لأن نُهوضُهم بعد القُفول أشقُّ، والخَطَرُ فيه أعظمُ‏.‏ وقد تقدّم هذا مُسْتقصًى في حرف الباءِ‏.‏ والرَّجْعة‏:‏ المرَّة من الرُّجوع‏.‏

ومنه حديث ابن عباس <مَن كان له مالٌ يُبَلِّغُه حَجَّ بيْتِ اللّهِ، أو تجِب عليه فيه زكاة فلم يَفْعل، سأل الرَّجْعةَ عند الموتِ> أي سألَ أن يُرَدَّ إلى الدنيا ليُحْسِن العملَ، ويَستدْرِكَ ما فات‏.‏ والرَّجْعةُ‏:‏ مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروفٌ عندهم‏.‏ ومذهب طائفةٍ من فِرَق المسلمين من أُولِي البِدَع والأهْواءِ، يقولون‏:‏ إنّ عليّ بن أبي طالب مُستَتِر في السَّحاب، فلا يَخرج مع من خَرَج من وَلدِه حتى يُنادِيَ مُنادٍ من السماء‏:‏ اخرُجْ مع فُلان، ويشْهَدُ لهذا المَذْهب السُّوءِ قولُه تعالى <حتى إذا جاء أحدَهم الموتُ قال ربِّ ارجعُونِ. لَعَليّ أعْمَل صالحا> يُريدُ الكفارَ، نحمد اللّه على الهِداية والإيمان‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن مسعود <أنه قال للجَلاَّد: اضْرِب وارْجِعْ يَديك> قيل‏:‏ معناه أن لا يَرْفَع يَديه إذا أراد الضَّرْب، كأنه كان قد رفَعَ يَده عند الضَّرْب، فقال‏:‏ ارْجِعْها إلى مَوضِعها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عباس <أنه حين نُعِيَ له قُثَم استَرْجَع> أي قال‏:‏ إنَّا للّه وإنا إليه راجِعون‏.‏ يقال منه‏:‏ رَجَّع واسْتَرْجَعَ‏.‏ وقد تكرر ذكرُه في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه نَهَى أن يُسْتَنْجَى برَجيع أو عَظْم> الرَّجِيعُ‏:‏ العَذِرة والرَّوثُ، سمِي رَجيعاً لأنه رَجَع عن حالته الأولى بعد أن كان طعاما أو عَلَفا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه ذِكر <غَزْوة الرَّجيع> وهو ماءٌ لهُذَيل‏.‏

‏{‏رجف‏}‏*فيه <أيُّها الناسُ اذكروا اللّه، جاءت الراجفةُ تَتْبَعَها الرادِفة> الراجفةُ‏:‏ النفخة الأُولى التي يَموت لها الخلائقُ، والرادِفة‏:‏ النفخةُ الثانيةُ التي يَحْيَوْن لها يوم القيامة‏.‏ وأصلُ الرَّجْف الحركةُ والاضطرابُ‏.‏

ومنه حديث المَبْعَث <فرجَعَ تَرْجُفُ بها بَوادِرُه> ‏.‏

‏{‏رجل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه نَهَى عن التَّرجُّل إلاَّ غِبًّا> التَّرَجُّل والتَّرجيل‏:‏ تَسريحُ الشَّعَر وتَنْظيفُه وتَحْسينُه، كأنه كَرِه كثرةَ التَّرفُّه والتَّنعُّم‏.‏ والمِرْجَلُ والمِسْرح‏:‏ المُشْط، وله في الحديث ذكرٌ، وقد تكرر ذِكرُ التَّرْجيل في الحديث بهذا المعنى‏.‏

وفي صفته عليه الصلاة والسلام <كان شَعْرُه رَجِلا> أي لم يكن شديد الجُعودة ولا شديدَ السُّبوطةِ، بل بينهما‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه أنه <لَعن المُتَرجِّلاتِ من النساءِ> يعني اللاتي يَتَشَبَّهن بالرجالِ في زِيِّهم وهيأتهِم، فأمّا في العلم والرَّأيِ فمحمود‏.‏ وفي رواية <لَعنَ الرَّجُلة من النِّساء> بمعنى المُترَجِّلة‏.‏ ويقال امِرأةٌ رَجُلَة؛ إذا تَشَبَّهت بالرِّجال في الرَّأْي والمَعْرِفة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <إنّ عائشةَ كانت رَجُلة الرَّأي> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث العُرَنِيِّين <فما تَرجَّل النهارُ حتى أُتِيَ بهم> أي ما ارتفع النهار، تشْبِيهاً بارْتفاع الرَّجُل عن الصَّبي‏.‏

وفي حديث أيوب عليه السلام <أنه كان يَغْتسل عُرْياناً، فخرَّ عليه رِجْلٌ من جَرادِ ذَهَب> الرِّجْل بالكسر‏:‏ الجَرَاد الكَثِيرُ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <كأنّ نَبْلهم رِجْل جَراد> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث ابن عباس <أنه دَخلَ مكة رِجْل من جَراد، فجَعل غلمانُ مكة يأخذُون منه، فقال: أمَا إنَّهم لو عَلموا لم يأخذُوه> كرِه ذلك في الحرَم لأنه صَيدٌ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <الرُّؤيا لأوّل عَابر، وهي على رِجْل طائر> أي أنها على رِجْل قَدَرٍ جَارٍ، وقضَاء ماضٍ من خَيرٍ أو شَرٍّ، وأنّ ذلك هو الذي قسمَه اللّه لصَاحبها، من قولهم‏:‏ اقتَسَموا داراً فَطار سهمُ فُلان في ناحِيَتها‏:‏ أي وقَعَ سهمُه وخَرج، وَكُلُّ حرَكة من كَلمة أو شيء يَجْري لك فهو طائرٌ‏.‏ والمراد أن الرؤيا هي الَّتي يُعَبّرها المُعَبّر الأوّل، فكأنَّها كانت على رِجْلِ طائر فَسَقطت ووقَعت حيث عُبِّرت، كما يَسْقُط الَّذي يكون على رِجْل الطائر بأدْنَى حَركة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث عائشة <أُهْدِيَ لنا رِجْل شاة فَقَسَمْتُها إلاَّ كَتِفَها> تريد نصْف شاة طُولاً، فسمَّتْها باسم بعضها‏.‏

ومنه حديث الصَّعب بن جَثَّامة <أنه أَهْدى إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم رجْلَ حمَار وهو مُحْرِم> أي أحدُ شِقَّيه‏.‏ وقيل أراد فَخِذَه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن المسيّب <لا أعلم نَبيًّا هلكَ على رجْله من الجَبابرَة ما هلَكَ على رِجْلِ موسى عليه السلام> أي في زمانِه‏.‏ يقال كان ذلك على رِجْل فُلان‏:‏ أي في حَياتِه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه عليه الصلاة والسلام اشتَرى رِجْل سَراوِيل> هذا كما يقال اشترى زَوْجَ خُفّ، وزَوْج نَعْلٍ، وإنَّما هُما زَوْجَان، يريد رِجْلَيْ سَراوِيل، لأن السَّراوِيلَ من لباس الرِّجْلَين‏.‏ وبعضهم يُسَمِّي السَّراويل رِجْلاً‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <الرِّجْلُ جُبَارٌ> أي ما أصَابت الدابة بِرجْلها فلا قَودَ على صاحبها‏.‏ والفقهاءُ فيه مُخْتَلِفون في حالةِ الرُّكُوب عليها وقُوْدها وسَوْقها، وما أصَابَت بِرجْلها أو يَدِها، وقد تقدَّم ذلك في حرف الجيم‏.‏ وهذا الحديث ذكره الطَّبراني مرفوعا، وجعله الخطَّابي من كلام الشَّعبي‏.‏

وفي حديث الجلوس في الصلاة <إنه لجَفَاء بالرَّجُلِ> أي بالمُصَلّي نفسه‏.‏ ويروى بكسر الراء وسكون الجيم، يريد جُلوسه على رِجْلِه في الصَّلاة‏.‏

وفي حديث صلاة الخَوف <فإِن كان خَوْف هو أشدَّ من ذلك صلُّوا رِجالاً ورُكْبانا> الرِّجال جمعُ راجل‏:‏ أي ماشٍ‏.‏ *وفي قصيد كعب بن زهير‏:‏

تَظَلُّ منه سِباعُ الجَوِّ ضَامزَةً ‏(‏الرواية في شرح ديوانه ص 22 <منه تظل حمير الوحش ضامرة> ‏)‏ * ولا تُمَشِّي بِوَادِيه الأرَاجِيلُ

هُمُ الرَّجَّالة، وكأنَّه جمعُ الجَمْع‏.‏ وقيل أراد بالأراجيل الرِّجل، وهو جمع الجمع أيضا‏.‏

وفي حديث رفاعة الجُذَامِي ذِكر <رِجْلَى> هي بوزْن دِفْلَى‏:‏ حَرَّة رِجْلى في دِيَار جُذَام ‏(‏زاد صاحب الدر النثير من أحاديث المادة‏:‏ قال الفارسي <وكان إبليس ثنى رجلا> معناه اتكل على ذلك ومال طمعاً في أن يرحم ويعتق من النار‏)‏ ‏.‏

‏{‏رجم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه قال لأسَامة: انْظُرْ هل ترَى رَجَمَّا> الرَّجَم بالتحريك‏:‏ حجارة مُجْتَمعة يجمَعُها الناسُ للِبِناء وطَىّ اللآبار، وهي الرِّجَام أيضاً‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث عبد اللّه بن مُغَفَّل <لا ترجُموا قَبْري> أي لا تَجْعلوا عليه الرَّجَمَ، وهي الحجارَة، أراد أن يُسَوُّوه بالأرض ولا يَجعلوه مُسَنَّماً مُرْتَفِعاً‏.‏ وقيل‏:‏ أراد لا تَنُوحوا عند قبري، ولا تقولوا عنده كلاما سَيِّئاً قبيحاً، من الرَّجْم‏:‏ السَّبّ والشَّتْم‏.‏ قال الجوهري‏:‏ المحدّثون يروُونه لا تَرْجُموا قبري؛ مخفَّفاً، والصحيح لاتُرَجِّموا مُشدّداً‏:‏ أي لا تَجْعلوا عليه الرُجَم، وهي جمع رُجْمه بالضم‏:‏ أي الحجارة الضخام‏:‏ قال‏:‏ والرَّجَم بالتحريك‏:‏ القبر نفسهُ‏.‏ والذي جاء في كتاب الهروي‏:‏ والرَّجَم بالفتح والتحريك‏:‏ الحجارة‏.‏

وفي حديث قتادة <خَلَق اللّه هذه النجومَ لثلاثٍ: زِينةً للسماء، ورُجُوماً للشياطين، وعَلاماتٍ يُهْتدَى بها> الرُّجُوم‏:‏ جمع رَجْم وهو مصدر سُمِّي به، ويجوز أن يكون مصدراً لا جَمْعاً‏.‏ ومعنى كونها رُجوماً للشياطين‏:‏ أن الشُّهبَ التي تَنْقَضُّ في الليل منفصلةٌ من نار الكواكب ونُورِها، لا أنهم يُرجَمون بالكواكب أنفسِها؛ لأنها ثابتة لا تزول، وما ذاك إلا كقَبَس يُؤخذ من نار، والنارُ ثابتة في مكانها‏.‏ وقيل أراد بالرُّجُوم الظُّنونَ التي تُحْزر وتُظَنُّ‏.‏

ومنه قوله تعالى‏:‏ <ويقولون خمسةٌ سادسهم كلبُهم رَجْماً بالغيب> وما يُعانِيه المُنَجِّمون من الحَدْس والظَّن والحُكْم على اتِّصال النجوم وافتِراقها، وإيَّاهم عَنَى بالشياطين لأنهم شياطين الإنْس‏.‏ وقد جاء في بعض الأحاديث <من اقْتَبَس باباً من عِلم النجوم لغير ما ذَكَر اللّه فقد اقْتَبَس شُعْبة من السَّحر، المُنَجِّم كاهِنٌ، والكاهن ساحِر، والساحِرُ كافِرٌ> فجَعل المُنَجِّمَ الذي يَتَعلَّم النجوم للحُكْم بها وعليها، ويَنْسُب التأثيراتِ من الخير والشر إليها كافراً، نعوذ باللّه من ذلك، ونسأله العصْمة في القول والعَمل‏.‏ وقد تكرر ذِكْر رَجْم الغَيْب والظَّنّ في الحديث‏.‏

‏{‏رجن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر، أنه كتب في الصَّدقة إلى بعض عُمَّاله كِتاباً فيه‏:‏ <ولا تَحْبس الناس أوَلَهم على آخرِهم، فإن الرَّجْن للماشِية عليها شديدٌ ولها مُهْلك> رَجَن الشاةَ رَجْنا إذا حبَسها وأساءَ علفَها، وهي شاة راجِنٌ وداجِنٌ‏:‏ أي آلِفة للمنزل‏.‏ والرجْن‏:‏ الإقامةُ بالمكان‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عثمان <أنه غَطَّى وجهه وهو مُحْرِم بقَطِيفة حَمْراء أُرْجَوان> أي شديدة الحُمْرة، وهو مُعرَّب من أرْغُوان، وهو شجرٌ له نورٌ أحْمرُ، وكل لون يُشْبِهُه فهو أرْجُوان‏.‏ وقيل هو الصِّبغ الأحمر الذي يقال له النَّشاسْتَجُ، والذكر والأنثى فيه سواءٌ‏.‏ يقال ثَوْبٌ أرْجُوان، وقَطيفة أرْجُوان‏.‏ والأكثرُ في كلامهم إضافةُ الثَّوب أو القطيفة إلى الأرْجُوان‏.‏ وقيل إنّ الكلمة عربية والألِفُ والنونُ زائدتان‏.‏ ما يرد في الحرف يَشتبه فيه المهموزُ بالمُعْتل؛ فلذلك أخَّزناه وَجَمعْناه ها هنا‏.‏

‏{‏رجا‏}‏ *في حديث تَوبة كعب بن مالك <وأرْجَأ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمْرَنا> أي أخَّره‏.‏ والإرْجاء‏:‏ التأخيرُ، وهذا مهموزٌ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ذِكر <المُرْجئة> وهم فِرْقَة من فِرَق الإسلام يَعْتقدون أنه لا يَضُر مع الإيمان معصيةٌ، كما أنه لا يَنفع مع الكُفر طاعةٌ‏.‏ سُمُّوا مُرْجِئَة لاعتقادِهم أنّ اللّه أرْجَأ تعذيبهم على المعاصي‏:‏ أي أخَّره عنهم‏.‏ والمُرْجئة تهمز ولا تُهْمز‏.‏ وكلاهما بمعنى التأخير‏.‏ يقال‏:‏ أرْجَأَت الأمرَ وأرجَيْتُه إذا أخَّرتَه‏.‏ فتقول من الهمز رجلٌ مُرْجئ، وهم المُرْجئةُ، وفي النسب مُرْجِئِيٌّ، مثال مُرْجِع، ومُرْجعة، ومرجعيٍّ، وإذا لم تَهْمِزْه قلتَ رجل مُرْجٍ ومُرْجية، ومُرْجيٌّ، مثل مُعْطٍ، ومُعْطية، ومُعْطيٍّ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن عباس <ألا تَرَى أنهم يَتَبايَعُون الذَّهَب والطَّعام مُرْجًى> أي مُؤَجَّلا مُؤَخَّراً، ويُهمَز ولا يُهمز‏.‏ وفي كتاب الخطَّابي على اخْتلاف نسخه‏:‏ مُرَجَّى بالتشديد للمبالغَة‏.‏ ومعنى الحديث‏:‏ أن يَشْتريَ من إنسان طعاماً بِديناَر إلى أجَل، ثم يَبيعُه منه أو من غَيرِه قبلَ أن يقبِضَه بدِيناَرَين مثلاً، فلا يَجوز؛ لأنه في التَّقدير بَيْعُ ذَهَب بذَهب والطَّعام غائبٌ، فكأنه قد باعَه دِيناره الذي اشترى به الطَّعام بدينارين، فهو رباً؛ ولأنه يَبْعُ غائب بنَاجزٍ ولا يَصحُّ‏.‏ وقد تكرَّر فيه ذكرُ الرَّجاء بمعنى التَّوقُّع والأمل‏.‏ تقول رَجَوْته أرجُوه رَجْواً ورَجءً وَرجاوَة، وهمزته مُنْقلبة عن وَاوٍ، بدليل ظُهُورها في رَجَاوَة، وقد جاء فيها رَجَاءةٌ‏.‏

ومنه الحديث <إلاَّ رَجاَءةَ أن أكونَ من أهْلِها> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث حذيفة <لَّما أُتي بكَفَنه قال: إنْ يُصِبْ أخوكم خيراً فعَسى وإلاَّ فْليَتَرامَ بي رَجَوها إلى يوم القيامة> أي جانِبا الحُفْرة، والضميرُ راجعٌ إلى غَير مَذْكُور، يريدُ به الحُفْرة‏.‏ والرَّجا مقْصُورٌ‏:‏ ناحيةُ الموضع، وتَثْنيتهُ رَجَوان، كعَصاً وعَصَوان، وجمعُه أرْجاء‏.‏ وقوله‏:‏ فليَتَرامَ بي، لفْظه أمْرٌ، والمراد به الخَبر‏:‏ أي وإلا تَرَامى بي رَجَواها، كقوله <فليْمدُدْ لهُ الرَّحمنُ مَدّا> ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عباس ‏(‏هو كذلك في الفائق 1/468‏.‏ وأخرجه الهروي من حديث ابن الزبير يصف معاوية‏)‏‏.‏ ووصَفَ معاوية فقال‏:‏ <كان الناسُ يَدُون منه أرْجاَء وادٍ رَحْبٍ> أي نَواحِيَه، وَصَفَه بَسَعة العَطَن والاحْتِمال والأناة‏.‏